تسارعت أحداث العنف والاعتقالات في صفوف المتظاهرين في لبنان بعد أن استعاد الحراك الشعبي زخمه منذ الثلاثاء، لكن التصعيد الذي اعتمده بعض المخربين ليلاً ضد المحلات والمصارف انتهى باحتجاز القوى الأمنية لمئة شخص على الأقل ممن شاركوا في تحركات غاضبة ببيروت وفق ما أكد محامون مواكبون لملفاتهم.

وشهدت بيروت ليل الثلاثاء مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية تسببت بسقوط جرحى من الطرفين، تخللها إقدام محتجين في شارع الحمراء على تكسير واجهات عدد من المصارف وتخريب أجهزة الصراف الآلي، للتعبير عن غضبهم من القيود المصرفية المشددة. وإثر ذلك، أعلنت قوات الأمن توقيفها "59 مشتبهاً به في أعمال شغب واعتداءات".

وتجدّدت ليل الأربعاء المواجهات، إثر تظاهر المحتجين أمام مقر قيادة شرطة بيروت، مطالبين بإطلاق سراح المحتجزين من الليلة السابقة. واستخدمت قوات الأمن القوة لتفريق المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة، واعتقلت عدداً منهم، وفق ما أكد ناشطون ومحامون من دون أن يصدر أي بيان رسمي عن عددهم.

وأحصى الصليب الأحمر اللبناني إصابة 47 شخصاً بجروح، تمّ نقل 37 منهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج. ولم يسلم عدد من المصورين والصحافيين من التعرض للضرب، بعضهم أثناء قيامهم ببث مباشر على القنوات المحلية.

وبحسب احصاءات للجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين تحتجز القوى الأمنية حالياً 101 موقوفاً، 56 منهم ضمنهم خمسة قاصرين تم توقيفهم ليل الأربعاء، بالإضافة إلى 45 آخرين ما زالوا موقوفين منذ الثلاثاء.

ودعا محامو الدفاع عن المتظاهرين إلى وقفة احتجاجية ظهر الخميس "رفضاً للتوقيفات التعسّفية.. وانتصاراً للحق بالتظاهر" أمام قصر عدل بيروت.

ودعا أساتذة في الجامعة الأميركية في بيروت إلى وقفة مماثلة أمام جامعتهم رفضاً "لاستعمال القوى الأمنية للعنف وقمع المتظاهرين السلميين، وتضامناً مع كافة الموقوفين في المخافر من جميع الأعمار والجنسيات خصوصاً تلاميذ جامعتنا الذين كانوا يتظاهرون ويعتصمون سلمياً".

ويطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة تكنوقراط في أسرع وقت يمكن لها أن تضع خطة إنقاذ للاقتصاد المتداعي. وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم جراء أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد في تاريخها الحديث.

وتشهد المصارف بشكل شبه يومي إشكالات بين الزبائن الذين يريدون الحصول على أموالهم وموظفي المصارف العاجزين عن تلبية رغباتهم. كما لم يعد ممكناً تحويل مبالغ مالية إلى الخارج إلا في حالات محددة.

وفيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية، التي ظهرت في الصيف للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين.

واليوم الخميس، قال مصدر مطلع إن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال طلب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقف عملية مبادلة مقترحة لسندات دولية مستحقة في 2020 بعدما حذرت وكالات تصنيف ائتماني من أنها قد تنطوي على تخلف اختياري عن السداد.

ويحوز لبنان، أحد أكثر الدول المثقلة بعبء الدين في العالم، سندات دولية قيمتها 2.5 مليار دولار مستحقة السداد هذا العام منها سندات بقيمة 1.2 مليار دولار مستحقة السداد في مارس آذار.

لكن في ظل أزمة مالية وسياسية شديدة، تنفد خيارات لبنان لتجنب التخلف عن السداد. وهناك عدد من السبل المحتملة لحدوث ذلك وفيما يلي أهمها.

واقترح لبنان أن يطلب من البنوك المحلية وغيرها من المستثمرين الذين يحوزون مجموعة من السندات الحكومية مستحقة السداد هذا العام مبادلتها بسندات ذات آجال أطول لمنحه مجالاً أوسع للتحرك.

ونظراً لأن ذلك يغير العقد الأساسي للسندات، حذرت وكالات التصنيف الائتماني لبنان على ما يبدو من أن ذلك قد ينطوي على ما يُعرف بتخلف "اختياري" أو "محدود" عن السداد.

ويختلف التخلف الاختياري أو المحدود عن التخلف بمعناه الأشمل حيث يعكس حقيقة أن بعض السندات أو الالتزامات ربما لا تزال ستسدد.

على الرغم من المغزى الرمزي لوسم من وكالة ائتمان بالتخلف عن السداد، فإن هذا قد لا يسفر بالضرورة عن إقبال على تنفيذ عقود مبادلة مخاطر الائتمان التي ربما اشتراها المستثمرون أو المتعاملون كنوع من التأمين للحيازات. إذ بدلاً من هذا يعتمد ذلك على لجنة مؤلفة عادة من بنوك ومستثمرين وغيرهم من المتخصصين في أسواق مبادلة مخاطر الائتمان.

وتُشكل هذه اللجنة عادة تحت مظلة الجمعية الدولية للمبادلات والمشتقات التي تتخذ من نيويورك مقراً.

وأحد احتمالات دعم الأوضاع المالية للبنان يتمثل في السيطرة على شريحة من الودائع الخاصة بالأفراد والشركات المُحتفظ بها في البنوك اللبنانية.

واُستخدم هذا الإجراء المثير للجدل في قبرص في ذروة أزمة ديون منطقة اليورو. وقال جيمس مكورماك رئيس فريق التصنيف السيادي في وكالة فيتش إن هذه الخطوة لا ينتج عنها في الواقع تخلف عن السداد نظراً لأن تعريف التخلف عن السداد يتركز بدرجة أكبر على عدم سداد الديون.


C E


0
1089   
12:28:37 2020-01-16

التعليقات

حالة الطقس
booked.net

محليات

تحقيقات

الصحة والجمال